مترجم | لماذا يدعم «داعش» دونالد ترامب؟



مات أولسن – الرئيس السابق للمركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب

7 ديسمبر 2016 | تايم


يعتلي دونالد ترامب وهيلاري كلينتون نفس المنصة للمرة الأولى يوم الأربعاء، للإجابة على أسئلة حاسمة متعلقة بالأمن القومي ومحاربة الإرهاب في «منتدى القائد العام للقوات المسلحة» على شبكة «إن بي سي». بينما يتابعهما المصوتون لتقييم أيّهما لديه الطبع، الخبرة، والرؤية ليكون القائد العام للقوات المسلحة التالي لأمريكا.

لكن ليس المصوتون وحدهم هم من سيتابعون. فخلال الأشهر الأخيرة، أوضح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) أنه يتابع هذه الانتخابات عن كثب – وأنه قد اختار مرشحًا. تجعل المقابلات مع أعضاء داعش وتحليلات مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك مقالًا نشره مؤخرًا موقع "فورين أفيرز"، الأمر واضحًا: "داعش يؤصّل لدونالد ترامب".

لا يعد داعش هذا العام مجرد مراقبٍ سلبي للسياسات الأمريكية. فمنذ الصعود السريع للتنظيم عام 2014، أسس داعش ماكينة دعاية متقدمة واسعة النطاق. حيث يعتمد أعضاء التنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي لتشكيل الرأي العام، اجتذاب أعضاء جدد وحشد الأتباع لتنفيذ هجمات. والآن، يستخدم بعضهم هذه القنوات لمناصرة ترامب.

كتب متحدثٌ باسم التنظيم في أغسطس: «أسأل الله أن يسلّم أمريكا لترامب». وأعلن مناصر آخر: «ينبغي أن يكون "تسهيل" وصول ترامب إلى البيت الأبيض أولوية للجهاديين بأي ثمن!!!» يعمل داعش لحشد الدعم للمرشح الذي يطلِق عليه "العدو المثالي".

قد يمثل ذلك مفاجأة للبعض. ففي النهاية، قضى ترامب هذا الموسم الانتخابي في إصدار سلسلة من التصريحات العدوانية والمائلة للقتال بالنسبة للإرهاب – من تعهده بقتل عائلات الإرهابيين، خططه لإعادة انتهاج تعذيب من يشتبه في كونهم إرهابيين إلى دعوته لمنع جميع المسلمين من دخول الولايات المتحدة. لكن الحقيقة هي أن تصريحات ترامب وسياساته المتطرفة ليس فقط مخالفة لقيمنا – بل وتصب في مصلحة داعش.

يرجح أن تؤدي اقتراحات ترامب المعادية للمسلمين إلى إلهام وتشدد المزيد من الجهاديين العنيفين في الولايات المتحدة وأوروبا. وعلى وجه التحديد، تدعم دعواته لفرض حظرٍ على زيارة المسلمين إلى بلادنا والتجسس بشكل سري على المساجد رأي داعش القائل بأن الولايات المتحدة معادية لجميع المسلمين.

مثلما قال مقاتل سابق بداعش لـ«فورين أفيرز»: «عندما يقول ترامب أشياء بغيضة عن المسلمين، يثبت الأمر أن الجهاديين على حق في قتالهم ضد الغرب، لأن الغرب ضد الإسلام». نتيجة لذلك، تغذي أفكاره جهود التنظيم لتعزيز تطرف أتباعه وحشدهم للتحرك. في الواقع، ظهر ترامب نفسه في مقاطع الفيديو الدعائية للتنظيم بعد هجوم بروكسل ومذبحة أورلاندو.

كذلك تعمل تصريحات ترامب على عزل وتنفير نفس الأمريكيين المسلمين الذين ينبغي أن يكونوا شركائنا في هذا الصراع. عادة ما يكونون على الخطوط الأمامية ضد داعش لمواجهة جهوده لاستقطاب هؤلاء الساخطين أو في حالات أخرى، سريعي التأثر برسائله البغيضة. وهم في أفضل موقع للتعرف على علامات التطرف والتدخل قبل فوات الأوان. يزرع تهميش هؤلاء الأمريكيين عدم الثقة بالحكومة وإنفاذ القانون، ويجعل تحديد وتعطيل الهجمات أصعب.

تحرص التنظيمات الإرهابية حول العالم على الاستفادة من هذه الفرصة؛ فقد أصدر تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا مقطع فيديو يقتبس من حديث ترامب؛ لإقناع المسلميين الأمريكيين بالإنضمام للتنظيم لأنهم غير مرحبٍ بهم في بلادهم.

علاوة على ذلك، تعيق تصريحات ترامب جهودنا لمكافحة الإرهاب حول العالم. فعبر شيطنة المسلمين، يغذي ترامب خطاب داعش القائل بأن الولايات المتحدة في حالة حربٍ ضد الإسلام. مثلما قال أحد المنشقين عن داعش لـ«فورين أفيرز»: «كنا سعداء حين قال ترامب أمورًا سيئة عن المسلمين لأنه يجعل الأمر واضحًا جدًا أن هناك فريقين في هذه المعركة: الفريق الإسلامي والفريق المعادي للإسلام».

كذلك يخاطر ترامب بتنفير حلفائنا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تمثل هذه الدول شركائنا الأساسيين في الصراع ضد الإرهاب، ونعتمد على تعاون أجهزة إنفاذ القانون، الاستخبارات والجيش خاصتهم. لا يبدو أن ترامب يدرك أهمية العمل مع حلفائنا لمحاربة الإرهاب. هذا ليس تهديدًا يمكننا هزمه وحدنا – وتعليقاته التي تحط من قدر حلفائنا، وتهديداته بالتخلي عنهم، تعيق جهودنا لبناء وتعزيز هذه الشراكات الهامة.

الخلاصة هي: شعارات ترامب العدوانية والضالة لا تمثل بديلًا عن السياسات القائمة على الحقائق والحكم الصائب.

لذلك، من وجهة نظري، هيلاري كلينتون هي الخيار الواضح لصالح الأمن القومي. فعلى النقيض من ترامب، استفادت كلينتون من سنوات خبرتها بوضع استراتيجية مفصّلة وبراجماتية لهزيمة داعش. لقد وضعت خطوات محددة يتعين على الولايات المتحدة اتخاذها في الخارج والداخل. ترفض كلينتون سياسات الخوف والانقسام وتدعو الأمريكيين للوقوف بحزمٍ معًا وبناء تحالفات خارجية في هذا الصراع. كما أنها تدرك، بشكل أساسي، أن قيم الحرية، التسامح وسيادة القانون، الأمريكية تمثل نقاط قوة – وليس نقاط ضعف – في الصراع ضد الإرهاب.

بينما يدرس الأمريكيون من يجب أن يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة التالي، ربما يواجهون التناقض الأوضح منذ قرون – بين مرشحٍ ساعدت تصريحاته الجاهلة والمتهورة بشأن داعش أعدائنا بالفعل، ومرشحة يعكس نهجها خبرتها العميقة، قيادتها العازمة وإيمانها الراسخ بقوة القيم الأمريكية. تحدث النتائج تأثيرًا كاسحًا على أمننا – ويراقبها العالم.

Share this:

0 comments:

Post a Comment