Mahmoud Aly's

Home Archive for 2015


إن كنت(ي) تحب(ين) الاستماع إلى الموسيقى أثناء القراءة، كحالي، فأرشح لك المقطع الموسيقي الآتي:
https://soundcloud.com/drixxxe-2/sextape-3

"أنا هحط إيدي وأنت هتحط إيدك في نفس الوقت"، هكذا كانت الخطة التي وضعها أحمد وابنة خالته، دينا، الذين لم يتما عامهما العاشر بعد، في رحلتهما الاستكشافية لسبر أغوار طبيعة الأعضاء التناسلية للجنس الآخر. عندما شرعا في "حط أيديهما" وقعت الفاجعة .. فقد نفر أحمد مذعورا في أنحاء البيت صارخاً: "دينا ماعندهاش بولة!"، لينكشف أمر الرحلة والبولة أمام الأمهات والخالات، ويقضي أحمد ودينا  ليلة "مطينة" على أيديهن.

اتذكر الآن كيف ساقني الفضول، وطبعي الخجول، إلى استكشاف مرافئ الشهوات خلال طفولة منطوية لم أجد خلالها الكثير من الأصحاب، أو الصاحبات، لأنقاد عقليا إلى الموقف الآنف الذي حكاه لي أحد الأصدقاء عن طفولته في جلسة سمر سكندرية.
*******************************

تعاودني الأفكار والمواقف إثر تساؤلات ساورتني حول التجارب الأولى، ليست تجاربي، بل التجارب الأولى للبشر .. ترى من فعل أول الأشياء؟ من صور أول مقطع إباحي (بورنوجرافي) في التاريخ؟ هل هدف إلى التوثيق المجرد للأمر أم سعى إلى استثارة رغبات كل من تلاقت شهوته مع ما رآه؟ 

يبدو أن تصوير وتوثيق الجانب الجنسي والخيالات الشبقة للحضارة الإنسانية لم يبدأ في منتصف القرن الماضي، وفق الاعتقاد الشائع، مع تقدم صناعة الفيديو والتسجيل، بل يعود الأمر إلى عصور سبقت ذلك بكثير.

طالما مارس البشر الجنس، خلفوا تصويرات عنه، لأنهم يحبون النظر إلى تلك التصويرات وبسبب الاعتقاد الوارد في العديد من الثقافات بأن لتلك الصور و\أو الممارسات الجنسية آثار ذات طابع روحاني أو خارق للطبيعة. ولكن مفهوم الإباحية (البورنوجرافيا) لم يكن قائما بذاته بشكل حقيقي حتى العصر الفيكتوري – لذلك فإن البورنوجرافيا لم تبتكر، بل عُرفتْ.



كان الفيكتوريون مفتونين للغاية بالحضارة والثقافة الرومانية، بدا ذلك واضحا بشدة حتى حوالي العام 1860، عندما نقبوا بمناطق واسعة من مدينة بومبي. ليكتشفوا حقيقة أن هؤلاء الآلهة كانوا شديدي الهوس الجنسي، ما مثل صدمة كبيرة لهم. كشف التنقيب في البدء عن تمثال للإله "بان"، يجسد نكاحه لعنزة! ولجهل الفيكتوريين بما يجب فعله بهذه المعروضات الجنسية المباشرة والجريئة، قرروا إخفاء ما يمكن إخفائه منها. الأمر أشبه بتحول الحضارة الغربية المعاصرة إلى القرد مزارو (لا أرى شرا). انطوت فكرتهم على أن الأشخاص الوحيدين الذي أمكنهم تحمل الاطلاع على تلك الانحرافات هم علماء الطبقة العليا، أي، الرجل الأبيض الغني.

عندما أقول إن الصور الجنسية كانت في كل مكان فإنني أعني ذلك! فلم يقتصر الأمر على الجداريات الجصية الإيروتكية الضخمة والفخاريات الشبقة الجميلة، بل حفرت الأعضاء الذكرية والخصيات على الأرصفة بهدف الزخرفة، وكثيرا ما صورت قضبان ضخمة قرب المداخل والأبواب لاعتبارها رموزا تجلب الحظ.

أخذ الفيكتوريون كل ما أمكن نقله، وخزنوه في المتحف الوطني بنابولي إيطاليا – حتى أنهم أخفوا المدخل لفترة. أي شئ لم يتمكنوا من شحنه (كالحوائط الضخمة) تم حجبه عن العامة. وضعت كابينات معدنية مقفلة حول بعض تلك الجصيات، لتتاح رؤيتها فقط لـ"الأشخاص البالغين والمحترمين أخلاقيا"، أي، الرجال البيض الأغنياء. اعتبر ذلك النوع من الرقابة وسيلة لحماية مشاعر النساء والطبقة العاملة، أي، جميع من تبقى سوى الرجل الأبيض الغني.

بينما اعتبرت بعض الأنشطة الجنسية المحددة غير شرعية في الماضي، كانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي يحظر فيها مجرد النظر إلى تصويرات جنسية.

ملحوظة: اعتبر ذلك التمثال الخاص بالإله "بان" والعنزة شديد الإباحية لدرجة إخفائه حتى العام 2000.
************************************

"فكروا بشأن الأطفال!"، هكذا صرخ أحدهم، بشكل حتمي، كلما تجرأ فيلم على استراق لحظات من التصويرات الجنسية لتقديمها للاستهلاك العام. فقد مثل الجنس، والعري، بل وحتى القبلات المسروقة، مواضيع حساسة في عالم صناعة الأفلام منذ أدار علماء الإدراك الكاميرات لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر. ومع ذلك، تمثل الأعمال الجريئة، وتصاعد درجة الحميمية على الشاشات، سببا لفهمنا للجنس اليوم، حسبما نظن أننا نفهمه. نعم لن نحمل أبدا جاذبية جورج كلوني وجنيفر لوبيز في فيلم Out of Sight، ولكننا لازلنا نحاول، فقد رأيناهما بالفعل!

نادرا ما تكسر التابوهات على أرض الواقع قبل أن تكسر على الشاشات. فقد حاولت الرقابة بشدة أن تجعل الأفلام "نظيفة"، ولكن الآفاق الفنية، إلى جانب الفضول الجنسى، حامت حول تلك الساحة لمدة 100 عام لمساعدتنا على الوصول إلى ما نحن عليه اليوم.
************************************

فلنركب آلة الزمن لنلقي نظرة على محلات تقاطع الجنس مع السينما العالمية تاريخيا:

يعود أول عرض علني لقبلة سنيمائية إلى عام 1836. ترى من كان المصور؟
إنه توماس إيدسون، مخترع الكهرباء، الذي صور مشهدا من الفيلم الموسيقي The Widow Jones 1835. حيث طلب من الممثلان ماي إيرون وجون رايس أن يعيدا تأدية قبلتهما المسرحية، التي عرفت الجمهور والنقاد بمستويات جديدة من الصدمة لم يدركوا وجودها من قبل. لجأ الناشر هيربيرت ستون إلى الصحافة ليدين تلك الجهود، حيث كتب، "لقد تجلى ذلك السلوك بشكل فاضح وتكرر لثلاث مرات، إنه مقزز للغاية، بل ويستدعي تدخل الشرطة".



البورنوجرافيا أحيت صناعة السينما
مثلت البورنوغرافيا العامل النهائي في تطور تكنولوجيا صناعة الأفلام (ما نجم عنه الانتصار الدائم للأشكال الأرخص، والأسرع، والأسهل من صناعة الأفلام). وبالعودة إلى الماضي، قد تمثل البورنوجرافيا سببا لاستمرار صناعة الأفلام وفنها.

حملت الإرهاصات الأولى لصناعة البورنوجرافيا اسم "ستاج فيلمز" Stag films، التي كانت بنفس درجة انتشار الأفلام التقليدية لأوائل القرن العشرين، بل وترى على نطاق أوسع. أقدم ما وصلنا من ذلك النوع هو فيلم A Free Ride، يعتقد باحثو صناعة الأفلام أنه صور في غابات نيو جيرسي حوالي العام 1915. لم يقتر الفيلم الجرعة الجنسية المقدمة – بغض النظر عن نوعية ملابسه، بل قدم كل ما تحويه أفلام البورن الحديثة، أي، قصة ضئيلة والكثير من الجنس.

لم تعرض تلك النوعية من الأفلام في المسارح، ولكنها انتشرت تحت أعين الرقابة. بينما على التوازي، كانت جرعة العري في الأفلام التقليدية مخففة للغاية. حيث وصل فيلم Inspiration 1915 إلى عناوين الصحف لأنه قدم امرأة عارية تتموضع كعارضة. ياللهول!

التلميح إلى الجنس مهد الطريق للرقابة
اشتهر فيلم Manslaughter 1922 لمخرجه سيسل بي دوميل بتقديمه بعض التصويرات الأولى للممارسة الجماعية للجنس والسحاق (كهلاوس شيطانية). إلا أن ذلك لم يرق واشنطن. فبعد سنوات قليلة من إصدار الفيلم، أجبرت الضغوط السياسية استديوهات صناعة الأفلام على إعادة النظر فيما تقدمه وتبني الرقابة.

الجنس في الأفلام المتحركة
يعتبر رالف باكشي رائدا في مساعدة الرسوم المتحركة "البالغة" على الوصول إلى الجمهور المسرحي. فقد غرق فيلمه Fritz the Cat 1972، المستند على رسوم روبرت كرامب، في اللذة الجنسية، كما أشار إلى موضوعات سياسية. ليمثل أول فيلم رسوم متحركة يحمل التصنيف "إكس".

ولكن يبدو أن هناك فنانين مهمشين قد عمدوا إلى الاستفادة من الرسوم المتحركة في تغذية السينما الغنية بالجنس قبل عقود من كسر باكشي لذلك التابو. حيث يظهر فيلم Eveready Harton in Buried Treasure 1929 كأحد أفلام شخصية "بوباي" – فقط إن تجرأ بوباي على استراق ذلك النوع من المشاعر من عزيزته "أوليف أويل".

وبينما ترك الإنتاج السري هوية المؤلف مجهولة، استمر الفيلم القصير محلقا في سماوات الإنترنت إلى اليوم.

الجماع الأول في السينما!
فيما لا يمثل مفاجأة، تقدم الأوروبيون عقودا عن الولايات المتحدة فيما تعلق بما هو مقبول أو غير مقبول في الأفلام. فقد عرضت العلاقات الجنسية لأول مرة على الشاشات في فيلم الدراما التشيكي Ecstasy 1933.

رًسم خط مبهم بين الجنس الضمني والصريح في الأفلام – ما مثل تحديا أخلاقيا سمح للأفلام بالزحف تدريجيا نحو خانة "الصريح" – حتى جاء فيلم Ecstasy ليحفظ مكانه في التاريخ عبر محاكاة البطلة، هيدي لامار، لرعشات النشوة بعد خوضة جنسية. ورغم أننا لا نرى في المشهد سوى وجه البطلة، إلا أن العملية تبدو واضحة، فأمامنا امرأة تمارس الجنس!


هيتشكوك .. الجرئ!
في غضون ذلك، كانت الولايات المتحدة تحاول تقديم قبلة تتجاوز مدتها ثلاث ثواني، وهي أقصى مدة حددها القانون لصناع الأفلام. ما دفع المخرج الأسطوري، ألفريد هيتشكوك، إلى فعل كل ما بوسعه لكسر القواعد. فقد تمتع هيتشكوك بتاريخ طويل من تناول الموضوعات الجنسية الإيحائية في أفلامه. حيث قرأ الكثيرون فيلم Rebecca 1940 كمحاولة استكشاف لعلاقة سحاقية، بينما يذكر النقاد فيلم Robe 1948 كجزء مؤثر في تاريخ سينما المثلية الذكورية.

من خلال فيلم Notorious 1946، قرر هيتشكوك أنه سيقدم رسالة قوية وواضحة للجان الرقابة. حيث حوى أحد المشاهد حوارا ركب موجة مغوية بين إنجريد بيرجمان وكاري جرانت، ليلتزم هيتشكوك فنيا بقاعدة الثواني الثلاث، مع تقديمه لبعض اللحظات الأكثر إثارة في تاريخ صناعة الأفلام.



النجوم العرايا
في النهاية، أدرك العالم الغربي حقيقة أن العري والجنس كانا جزء من الحياة الطبيعية للبشر. حيث أثار الفيلم البريطاني 1960 Peeping Tom جدلا إثر كونه أول فيلم يظهر امرأة عارية الصدر. بينما حاولت السينما الأمريكية تقديم ذات المشهد لأول مرة في فيلم Promises! Promises! 1963. ومع تشوش الرقابة، قرر المخرج مايكل أنجلو أنطونيوني عبر فيلمه Blowup 1966 أن يقطع المزيد من الأشواط نحو مساحات عذراء لم تطلها أعين المشاهدين من قبل، فضم الفيلم أول مشهد لشعر عانة امرأة.

ولكن الأمر لم يتعلق بالنساء فقط! نعم، ذلك صحيح إلى حد كبير ولكنه لم يتوقف عند ذلك. حيث تناول العديد من صانعي الأفلام العري الذكوري في أفلامهم. فاض فيلم Women in Love بالمشاهد الجنسية، كما تضمن مباراة مصارعة عارية بين رجلين. ورغم الجدل الذي أحاطه، حاز الفيلم على خمسة ترشيحات للأوسكار، وحصل على واحدة.

فخر المثليين
تمحور العديد من الأفلام المبكرة حول علاقات مثلية، كالفيلم الألماني الصامت Michael 1924، الذي يجسد علاقة بين رسام وعارض، والتي تنتهي باعترافات مؤلمة جاءت متأخرة. كما يحظى الفيلم الألماني Girls in Uniform بالإشادة بوصفه أول تجسيد لعلاقة سحاقية.

الممارسة الحقيقية للجنس!
حظى فيلم The Brown Bunny 2003 ببعض الانتباه لممارسة كلوي سيفاني للجنس الفموي بشكل حقيقي، غير المحاكي، بمشاركة الممثلة فينسنت جالو، التي أخرجت الفيلم أيضا.

المراحل الأخيرة

إلى أين يقودنا ذلك؟
خلال العقدين الأخيرين، لم يتعلق الأمر بما يمكن عرضه، بل بهوية من سيؤديه. فقد تعرض فيلم Kids 1995 لانتقادات شديدة إثر تقديمه لمراهقين، دون السن القانونية، نشطين جنسيا. كما عرض صانع الأفلام الفرنسي عبد اللطيف خشيش فيلمه Blue is The Warmest Color بمهرجان كان عام 2013، حيث يضم الفيلم مشهدا جنسيا سحاقيا تمتد مدته إلى 10 دقائق بين طالبة في السنة الأخيرة من المدرسة الثانوية وزميلتها.


وعلى إثر ذلك وجهت الاتهامات، وأثيرت الأسئلة، وانتفضت المقالات الفكرية. ليبدو واضحا أنه لا يزال أمام المسار الزمني للجنس المصور بعض التابوهات الأخرى ليكسرها.

ملحوظة: بعض أجزاء المقال مترجم عن عدة مصادر.

فيما يبدو كخيانة ناجحة للغاية، أمد ضابط كبير بجيش الأسد المتمردين المدعومين من الغرب بمعلومات استخباراتية هامة أدت إلى إيقاع خسائر فادحة بالقوات الحكومية جنوبي سوريا.
أدت الهزيمة في تل الحارة، وهي محطة حرب إلكترونية تبعد 50 كيلومترا جنوب دمشق، إلى إرسال مخابرات الرئيس بشار الأسد لاصطياد مصدر التسريبات التي تسببت في مقتل العشرات من أفراد الجيش بعد اتهامهم خطأ بالخيانة.
ساهم الانشقاق السري للعميد محمود أبو عراج، الذي أحدث أجواء ضبابية من التآمر، في نشر الفتن بين قوات النظام وحلفائها الإيرانيين، كما يحتمل أن يكون قد لعب دورًا غير مقصودًا في تنحية أحد أسوأ مديري الاستخبارات سمعة في الشرق الأوسط، رئيس الأمن السياسي السوري، رستم غزالة.
اجتاح المتمردون الموقع العسكري الاستراتيجي بتل الحارة في الخامس من أكتوبر عام 2014، ليبعدوا القوات الموالية للأسد عن نقطة المراقبة الجبلية المرتفعة، التي مكنت قوات النظام من تعقب تحركات المتمردين وقصف المناطق الريفية المحيطة.
تمثل محطة تل الحارة الموقع الذي تعترض منه قوات النظام، وحلفائها من إيران وحزب الله، الاتصالات الإسرائيلية وتراقب من خلاله الحدود السورية مع إسرائيل، حيث تبعد عن المحطة 12 كيلومترًا إلى الغرب.
إلا أن الانتصار السريع للمتمردين لم يكن محتملا، فقد سيطرت قوات النظام على النقطة الوحيدة المرتفعة في نطاق أميال، كما كانت الوحدة السابعة من الجيش مستعدة ومتمرتسة بشكلٍ جيد، وتمتعت بتفوق جوي دون منافس.
دليل مرئي لمعركة تل الحارة
يفترض أن يكون ذلك كافيا لصد المعارضة خفيفة التسليح التي اضطرت لشق طريقها عبر منزلقات وعرة ومكشوفة، دون غطاء جوي.
ولكن ما هو مجهول بالنسبة لقوات النظام، أن أحدهم قد انضم لجهود الإطاحة بالأسرة الحاكمة، التي بدأت بتظاهرات سلمية بدرعا القريبة في مارس 2011.
بدلا من الهروب للإنضمام للمتمردين، جازف أبو عراج مجازفة كبيرة بالعمل بين صفوف دفاعات النظام حتى يعيقها، حسبما أوضحت روايات المتمردين عن الإنشقاق، التي قدمت لمحة نادرة عما يدور داخل حرب الجواسيس الغامضة المتأججة على الجبهة الجنوبية.
تواصل الجنرال، الذي قاد الكتيبة الميكانيكية 121 التابعة للوحدة السابعة، مع المتمردين قبل أشهر من الهجوم على تل الحارة، متحايلا بوسيلة ما على أجهزة استخبارات الأسد السرية النشطة بشكل ملحوظ، حيث مثلت الجهة التنفيذية التي مكنت عائلة الأسد من حكم سوريا لقرابة خمس عقود.
مع تخطيط المتمردين للهجوم، هرّب أبو عراج خططا مفصلة عن المواقع الدفاعية، قوام القوات، الأوامر العسكرية، الشفرات، ومعلومات عن التعزيزات العسكرية الإيرانية من مقر القيادة الخاص به في مدينة كناكار، على بعد 25 كيلومتر من تل الحرة.
"أمدنا اللواء محمود بالكثير من المعلومات، لقد كان دوره محوريا في انتصارنا بتل الحارة"، حسبما صرح قائد مشارك في بالعمليات الاستخباراتية  لقوات المتمردين على الجبهة الجنوبية، والذي رفض الكشف عن هويته.
لعب المنشقون دورا كبيرا في الحرب الأهلية السورية مع فرار عشرات الآلاف من الجنود من جيش الأسد. وتدخلت إيران، حزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية لتعزيز الجيش المفتت، حيث غذت نزاع طائفي بالوكالة بشكل خطير، والذي أودى بحياة أكثر من 220 ألف شخص.
وتمادى أبو عراج لدرجة أنه نشر قواته بطرق سهلت هزيمتها على يد المتمردين، حسبما أوضح القائد، الذي هو نفسه أحد المنشقين عن النظام وجزء من تحالف معارض ومدعوم من الغرب ودول الخليج، مازال يعرف جماعيا باسم الجيش السوري الحر.
قال القائد بقوات المتمردين: "لقد كان ذكيا، فقد اعتاد إرسال قوات النظام إلى حيث يمكن استهدافها بسهولة على يد الجيش السوري الحر، وأعطى أوامره للجنود بالانسحاب في الوقت المناسب تماما لنا".
ولكن عناصر استخبارات النظام، الذين يتشككون في دخيل يعمل ضدهم، بدأوا في إحكام الخناق عليه.
لتفادي القبض عليهم، ولإبعاد الشكوك عنهم، نظم عراج والمتمردين الذين عمل معهم كمينا وهميا عندما كان مسافرا قرب الصنمين، على بعد 18 كيلومتر شرق تل الحارة. ووصل الأمر بأحد فصائل المتمردين إلى نشر نبأ مقتله إثر اشتباكات على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بل ونشروا صورة لبطاقة هويته كدليل.
ولكن في الحقيقة، عبر أبو عراج بأمان إلى الأردن في 15 أكتوبر.
يظل ما حدث داخل صفوف النظام بعد ذلك غير واضحا، ولكن قادة المتمردين يقولون إنه قد حدث ارتفاع غير مسبوق في معدلات الإعدام خلال الأشهر التي تلت هروب أبو عراج، حيث تم اتهام الضباط الموالين بالخيانة وقتلوا.
"نعتقد أنه تم اتهام ما يصل إلى 56 ضابطا من قوات النظام بالخيانة في الشهور التي تلت تل الحارة، وأعدموا، ليس في مرة واحدة ولكن مع مرور الوقت"، وفق القائد.
يقول المتمردون المشاركون في الجبهة الجنوبية إن من المحتمل أن قوات النظام قد تشككت في مرحلة ما في انشقاق أبو عراج، ولكنهم اعتقدوا لاحقا أنهم مخطئون وأنه قد قبض عليه من قبل المتمردين، ثم أعدم على أيديهم بعد التحقيق معه.
ما يزيد تلك الضبابية أنه بعد شهر واحد من وصول أبو عراج إلى الأردن وإشاعة نبأ موته، مات بالفعل. حيث يبدو أن الضابط الذي بلغ من العمر 52 عاما كان يعاني من عيب خلقي في القلب، إلا أنه من غير الواضح متى بدأت حالته الصحية في التدهور، ولكنه عاد إلى سوريا مباشرة قبل وفاته نتيجة أسباب طبيعية.
مثلت خسارة تل الحارة ضربة قوية لقوات الأسد، التي ظلت تعاني من الخسائر بشكل مستمر في الجنوب واستمرت تلك الخسارة خلال شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي.
يبدو أن استشعار الخطر نتيجة تلك الهزائم قد أدى لقرار إيران بتولي الجنرال قاسم سليماني، قائد قوات فيلق القدس الإيرانية، القيادة المباشرة للعمليات على الجبهة الجنوبية.
حدث ذلك في شهر يناير مع تدفق آلاف المسلحين الشيعة من لبنان، العراق، وإيران، وبدء هجوم مضاد جديد يهدف جزئيا إلى استعادة السيطرة على تل الحارة، حيث يجري قتال عنيف في المنطقة الجنوبية.
ظهرت مؤشرات حول أن تلك السيطرة الإيرانية لم تلقَ قبولا كبيرا بين ضباط النظام، خصوصا من يعتبرون أنفسهم قوميون، وأثير غضبهم لإعطائهم دورا ثانويا تابعا في بلدهم.
وفق مصدر سوري في لبنان، متصل على نحو وثيق بالدوائر الأمنية السياسية في دمشق، كان رستم غزالة، المسؤول عن الأمن السياسي لنظام الأسد، أحد الذين اعترضوا على تلقي الأوامر من أفراد إيرانيين. فقد أوضح المصدر: "لقد سمعنا أمورا تجعل الوضع يبدو متوترا داخل دائرة الأمن السياسي هناك، حيث كان غزالة غاضبا ويقول إنه لن يتلقى أوامر سوى من الأسد".
عين غزالة رئيسا للأمن السياسي عام 2012.
سيطر غزالة سابقا على لبنان خلال عمله كأكبر ضابط استخبارات سوري في لبنان بين عامي 2002 و2005، وحقق معه بعد ذلك بواسطة المحكمة الدولية المدعومة من الأمم المتحدة في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري. لم يقر محققو المحكمة صلة رسمية بين غزالة والسيارة المفخخة التي أودت بحياة الحريري و21 آخرين يوم 14 فبراير 2005.
ينحدر غزالة من محافظة درعا وعمره 62 عاما، وقد شارك في إدارة القتال الأخير ضد المتمردين في الجنوب، حيث بدا أن النظام يخسر بعد سقوط تل الحارة.
في ديسمبر، ومع استمرار المتمردين في التقدم، ذكرت تقارير تفجير القصر الخاص بغزالة في بلدته "قرفا" على بعد 20 كيلومترا شمال درعا. وأظهرت لقطات على موقع "يوتيوب" قصره غارقا بين ألسنة اللهب بعد انفجار ضخم. بينما أظهرت لقطات ما قبل الانفجار رجالا يجهزون اسطوانات غاز وعبوات وقود في القصر. حيث ادعوا أنهم تابعون لحركة المقاومة الوطنية، وهو تنظيم سري موالي للنظام.
في غضون ذلك، ساد اعتقاد على نطاق واسع بأن غزالة قد أمر بتدمير قرفا لمنع سقوطها في يد المتمردين، ولكن قرفا لم تسقط.
لاحقا في فبراير، وبعد شهر من تولي إيران قيادة الجبهة الجنوبية وبدء شن هجمات مضادة على المتمردين، زعم صحفي سوري معارض أن غزالة قد أقيل من منصبه.
عقب ذلك، سرت شائعات مفادها أن غزالة قد أصيب بالفعل، ربما إثر هجوم للمتمردين. وقد تأكدت تلك الشائعة لجريدة "الشرق الأوسط" ذات التوجه القومي العربي من قبل عاصم قانصوه، عضو حزب البعث اللبناني، الذي يدعم الأسد.
وأضاف قانصوه أنه زار غزالة في المستشفي، حيث تلقى العلاج لجروح شظايا لحقت به أثناء قتال المتمردين في درعا. ولكنه أنكر إقالة غزالة من منصبه.
كما تناولت شبكة الجزيرة التكهنات حول غزالة، مقتبسة عدة نظريات، مثل أنه كان هدفا لفرقة اغتيال إيرانية بعد تخطيطه لتنفيذ إنقلاب ضد الأسد، أو أنه عرف الكثير من أسرار النظام وبالتالي مثل خطرا عليه.
وما أضفى المزيد من التعقيد ذكر شبكة أخبار الشام الموالية للمعارضة، يوم 8 مارس، أن غزالة تم احتجازه من قبل استخبارات النظام العسكرية، وتجريده من سلاحه، وتعذيبه، ثم إلقاءه في إحدى مستشفيات دمشق.
وعلى الجانب الآخر، أذاعت قناة "إم تي في" اللبنانية تقريرا مفاده أن مدير الاستخبارات العسكرية السورية، اللواء رفيق شحادة، قد أوقف عن العمل بعد خلاف مع غزالة. بينما أشارت تقارير أخرى غير مؤكدة إلى أن اللواء شحادة قد هاجم غزالة أثناء مواجهة حادة بينهما، واعتدى عليه بشكل خطير لدرجة استدعت دخوله المستشفي لأكثر من أسبوع.

"لقد سمعنا جميع أنواع نظريات المؤامرة بشأن رستم غزالة، أنه قد أصيب على يد المتمردين أو أنه تم تعذيبه لأنه كان لديه خلافات مع الإيرانيين"، حسبما علق المصدر السوري في لبنان. وتابع: "بينما يقول آخرون أن منزله تعرض للحرق لأن الإيرانيين أرادوا تفتيشه ولكنه رفض السماح لهم بذلك. يصعب معرفة الحقيقة في سوريا، ربما جميع تلك الروايات خاطئة وربما كلها صحيحة، ربما لن نعرف أبدا".
المقال مترجم عن موقع The National بتاريخ 17 مارس 2015، والترجمة منشورة بموقع راقب.

كنت أبحث في أمر غير ذي صلة (السياسات المصرية في سبعينات القرن الماضي)، حين تعثرت بهذه الصورة التي تجمع جون لينون، نجم فريق البيتلز الغنائي مع زوجته، يوكو أونو، في مصر عام 1977. لتثير تلك الصورة فضولي حول سبب قيامهما بتلك الرحلة، وقد تبين، كما هو متوقع، أن تلك الرحلة كانت تحمل الكثير من الجدل.

"مع حلول شهر يناير من العام 1977، وعدت مغامرة غريبة بإخراج الزوجين من سباتهما، وكانت يوكو هي المسؤولة عن هندسة تلك الرحلة. حيث علم المخرج سام جرين، الصديق المقرب للزوجين، من أحد زملائه بشأن حفر أثري سري يجري في مصر للتنقيب عن معبد قديم. إلا أن المشروع احتاج إلى تمويل لإكمال التنقيب. عندما نقل جرين تلك الأنباء إلى يوكو، بالكاد تمكنت من تحويل الأموال بسرعة كافية إلى القاهرة، وبدأت التخطيط لزيارة الموقع. كذلك كان لينون متحمسًا إزاء احتمالية اصطياد أعمال فنية عالمية، ولم يسعه انتظار ركوب الطائرة.

كتب لينون بحماسة إلى ليلى التي كانت مسافرة إلى القاهرة في اليوم التالي، بعد أن تبقى في جنيف لمدة أسبوع لترعى بعض الأعمال. فسألها إن كان أي من أصدقائها أو أقاربها يعيش في مصر وألمح إلى رغبته في استدعاء القليل من أقارب والدها. كما وعدها بكتابة تفاصيل الرحلة إليها.

غاب تشاؤم لينون اللحظي، فهوى بحماس على دفتره ليرسم صحاري مصرية رومانسية منقوطة ببعض الجمال والبدو. ثم اشترى جون ملابس ملائمة، وحصل على صورة جديدة لجواز سفره، بل وغير تصفيفة شعره. وفي غضون ذلك، كان سام جرين ويوكو ينهيان تفاصيل خطة معقدة لتجنب السلطات المصرية. فبسبب أن آثار مصر القومية القديمة كانت معرضة لهجوم الصيادين الدوليين للتحف الفنية، وضعت السلطات الحكومية ضمانات لحماية تلك المقابر المقدسة، بل ولجأت للاستطلاعات الجوية للقبض على المغيرين عليها.

مع تنصته من الغرفة المجاورة على محادثة يوكو وسام، شعر جون بالإثارة لسماعه أنهم سيخبئون معهم بعض الماريجوانا القوية...

في اليوم التالي، بينما كان الثنائي يسارع إلى رحلته المتجهة للقاهرة، نشب خلاف بين يوكو وناطور الفندق إثر محاولتها شراء زوج من الساعات الماسية مقابل مبلغ غير مناسب. وبينما بدا كل شيء على وشك الضياع، ميز الناطور وجه جون. فكانت تلك المرة الوحيدة التي شعر فيها الموسيقي المتعجل بالامتنان لشهرته.

عند وصولهما إلى القاهرة، نزل الزوجان في فندق النيل هيلتون (النيل ريتز كارلتون حاليًا). وحظى جون بقيلولة قبل أن يتسوق في المدينة بحثًا عن ملابس من أجل التنقيب. التقى جون مصادفة بتوماس هوفينج، المدير الأسبق لمتحف المتروبوليتان للفن بنيويورك، والذي كان في القاهرة على نفقته الخاصة من أجل الفن. قضى جون ليلته الأولى مبتهجًا ومستكشفًا أحد العجائب السبعة للعالم القديم، هرم خوفو الأكبر، الذي بناه الملك خوفو مؤسس الأسرة الرابعة، حوالي العام 2680 قبل الميلاد. شاهد بعد ذلك عرض الضوء الليلي الرائع بالجيزة، وهو أحد المعالم السياحية التجارية المبهرجة التي استمتع خلالها للغاية.

استيقظ لينون في اليوم التالي نشطًا ومنتعشًا. بحماس مولعٍ بالتاريخ، تجول في موقع هرم سقارة الذي وجده أكثر روعة من موقع هرم خوفو. ومع استكشافه للغرف تحت الأرضية، مرر يديه على الرسوم الهيروغليفية وتعجب لتعقد الأعمال الفنية القديمة على الجدران الحجرية. ومع مروره على تابوت مفتوح، لم يتمكن لينون من مقاومة رغبته ومزق بتهور قصاصة قرر الاحتفاظ بها كتذكار. إلا أنه تسائل لاحقًا إن كان عمله المستهتر قد أسقط عليه لعنة المومياء، وقد كان قلقا لدرجة طلبه لاجتماع عاجل مع أحد المتصوفين الذين تعرفهم يوكو.

بينما كان لينون يستكشف مواقع عديدة، كانت يوكو تنهي تفاصيل الزيارة المنتظرة إلى موقع الحفر غير الشرعي. وكلما زاد عزمها على إتمام الزيارة، كلما ازداد خوف جرين من أن وجودها قد يتسبب بمشكلات. فوجود ثنائي مشهور دوليًا لن يمر دون ملاحظة السلطات في القاهرة. فاستخدم جرين مدير المتحف توماس هوفينج كوسيلة لإحباط خطط يوكو. حيث اختلق قصة مفادها إن مدير المتحف الشهير قد نمى إلى علمه أنهم يخططون للحصول على قطع أثرية وأنه على استعداد لإبلاغ السلطات بنفسه ما لم تغادر جميع الأطراف البلاد. بينما أكدت مارلين فينر، المرشدة الروحية ليوكو، على التهديد المختلق، قائلة لها إنه يجب تجنب شخص صارم طوله ستة أقدام سيقابلونه في القاهرة. لم يكن واضحًا إن كان جرين قد شجع فينر على قول ذلك أم لا، ولكنه بالفعل جند تشارلي سوان، قارئ كروت التاروت، لإثناء يوكو عن الخطة. وقد كان ما سعى له، حيث أثير قلقها بدرجة كافية لتتخلى عن الخطة. ومما يثير الدهشة أن جون لم يكن خائب الأمل للغاية إثر التحول المفاجئ للأحداث. فقد كان بالفعل قد اكتفى من مصر واشتد توقه للعودة إلى بلاده".

المقال مترجم عن When John Lennon and Yoko Ono tried to loot Egypt’s ancient treasures للكاتب عمرو علي

المصدر: كتاب " Geoffery Giuliano, Lennon in America: 1971-1980"، المستند جزئيًا على كتاب " Lost Lennon Diaries(2001)".

إنه العام 1973، يشارك منتخب تشيلي في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الذي سيجرى العام المقبل في ألمانيا الغربية. إلا أن تفاصيل تأهل منتخب تشيلي تعتبر من أغرب وأخزى وقائع تاريخ كرة القدم. اليوم 21 نوفمبر 1973، ينزل لاعبو منتخب تشيلي إلى أرض الملعب، في بلدهم، وتبدأ المباراة بلا منافس، فلا أحد غير لاعبي تشيلي في الملعب، ليحرز فرانسيسكو تشاماكو هدف تشيلي الرمزي في مباراة كانت أقرب إلى التمثيلية الهزلية.

قيل دائما إن السياسة لا مجال بها للأخلاق، ولابد أن يحمل تداخلها مع شتى جوانب الحياة نتائج مخزية.

لا نزال في العام 1973، مر على تشيلي 41 عاما تحت حكم مدني منتخب، ولكن العام سيشهد إنقلابا عسكريا مدعوما من الولايات المتحدة في إطار الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، بقيادة الجنرال أوجوستو بينوشيه على الرئيس سلفادور أليندي، لتشهد البلاد حملة اعتقالات واسعة انطوت على عمليات تعذيب وتنكيل بالمعارضين.

شهد ملعب "سانتيجو الوطني" الكثير من تلك الانتهاكات، فقد جرى احتجاز ما يقارب 7 آلاف معتقل سياسي بداخله، ناهيك عن عمليات التعذيب والقتل، وهو الملعب الذي ستقام عليه مباراة التأهل إلى كأس العالم بعد أسابيع.

يفترض أن تلاعب تشيلي الاتحاد السوفيتي لتتأهل لكأس العالم في حال فوزها. جرت مباراة الذهاب في موسكو، وانتهت بتعادل سلبي أرضى الفريقين. وحان وقت مباراة العودة في تشيلي، ليصدر الكريملن الروسي، الذي عارض الانقلاب في تشيلي، أمره برفض اللعب على أرض ذلك الملعب تحديدًا قائلًا إنه "ملطخ بالدماء".

طلب الاتحاد السوفيتي خوض المباراة على ملعب آخر، ليواجه الطلب بالرفض من قبل السلطات العسكرية التشيلية، والإصرار على خوضها على ذات الملعب. بينما أصر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في موقف متواطئ مع الحكومة التشيلية على لعب المبارة دون تغيير الملعب، بعد أن كذب جميع التقارير الصحافية وأرسل بعثة تفتيش إلى الملعب، لتجد البعثة أن المعتقلين – بالتأكيد – قد اختفوا.

كان جورج مونتيالجري أحد معتقلي الاستاد، حيث كان عمره آنذاك 19 عاما. قال مونتيالجري إنه في يوم زيارة بعثة الفيفا إلى الاستاد تم إبقاءه، مع بقية المعتقلين، هادئين تحت تهديد السلاح. "احتجزونا في الأسفل، مختفين في غرف خلع الملابس وفي الممرات"، "تم إبقاءنا في الداخل، بسبب مرافقة صحفيين لمسؤولي الفيفا .. كان الأمر كأننا في عالمين مختلفين"حسبما وصف مونتيالجري يوم الزيارة. وبشكل ما، لم يرى ممثلو الفيفا أي من المعتقلين. فأعلن الاتحاد الدولي أن المبارة ستقام، بوجود المنتخب السوفيتي أو بدونه.

فيقرر الاتحاد السوفيتي على إثر ذلك عدم خوض المباراة، ويقرر الفيفا اعتبار المنتخب السوفيتي منسحبًا، إلا أنه أصر على عقد المباراة، وإن كان ذلك بصورة هزلية أكثر منها رمزية.
عقدت المبارة بمشاركة فريق واحد، ليحرز المنتخب التشيلي هدفًا أهله للمشاركة في كأس العالم، وسط جمهور وصل عدده إلى 15 ألف متفرج، في إستاد يتسع لـ80 ألف متفرج، كان أغلبهم من أقارب ضحايا القتل والاعتقال الذين حرصوا على دخول الاستاد أملا في الوصول إلى ذويهم.

كان البطل الكروي التشيلي كارلوس كاسيلي أحد لاعبي تشيلي في تلك المبارة. قال كاسيلي: "فعل ذلك الفريق أسخف شيء في التاريخ. مثل الأمر إحراجًا عالميًا". جدير بالذكر أن والدة كاسيلي تم احتجازها وتعذيبها في ذلك الملعب، حسبما اتضح لاحقا.

"شعرت برجفة باردة تتملك أسفل عنقي عند رؤية ذلك الشيء الشبيه بهتلر، وكان وراءه خمسة رجال .. عندما بدأ في الاقتراب مني وضعت يدي خلف ظهري ورفضت أن أمدها إليه"، هكذا وصف كاسيلي مقابلته الأولى مع الديكتاتور بينوشيه، وكان ذلك في يونيو 1974، عندما جمع بينوشيه الفريق لوداعه قبل السفر إلى ألمانيا.
قبل أيام قليلة من المبارة، تم ترحيل مونتيالجري مع أقرانه من المعتقلين إلى الشمال بعيدا عن الأعين، إلى صحراء أتاكاما.

رفضت أي قناة تلفزيونية إذاعة مباراة اعتزال كاسيلي، عام 1985، جزئيا لأنهم علموا أنها ستتحول إلى مظاهرة، وهو ما حدث بالفعل، بل إنها كانت واحدة من أولى التجمعات الواسعة لخصوم نظام بينوشيه. بعد ثلاث سنوات، عام 1988، صوت الشعب التشيلي ضد فترة انتخابية جديدة لبينوشيه، لينتخبوا بعدها بعام رئيسًا جديدًا بشكل ديمقراطي.



مصادر:
وثائقي: عقيدة الصدمة
The Soccer Match That Disgraced Chile
الديكتاتورية وكأس العالم (10): تشيلي تلاعب نفسها وتتأهل
1973 Chilean coup d'état

لا أود الخوض في وصف أحداث سياسية أو تاريخية، أو سرد تفاصيل ومراحل ما دار خلال 13 يوما قضاها الوفدان المصري والإسرائيلي في غابات كامب ديفيد، بل أحاول تسليط الضوء على بعض المشاهد التي دارت أحداثها إبان توقيع الاتفاقية، مظهرًا نفسيات اللاعبين والعوامل التي أثرت عليهم.
يستطلع الكاتب لورانس رايت، في كتابه "ثلاثة أيام في سبتمبر"، ما دار في كواليس إحدى العلامات التاريخية التي نمى على أساسها الوضع الحالي للشرق الأوسط، وتحديداً العلاقة بين مصر بشكل خاص، والعرب بشكل أعم، والكيان الإسرائيلي المحتل.

لم يقتصر تركيز رايت على الجوانب والأبعاد السياسية، بل تعمق إلى وصف النفسيات والصراعات الداخلية التي أثرت على أعضاء الفريقين، وعلى الطرف الوسيط راعي الاتفاق، الولايات المتحدة الأمريكية. حيث ينسب رايت جذور الصراع إلى طبيعة دينية بحتة، فكارتر، بيجن والسادات "تقويهم دياناتهم وتثقلهم أيضًا". إلا أن ثلاثتهم قد تمكنوا من حل صراع عتيق، أو حله بشكل جزئي على الأقل، ولمدة أجيال، لدرجة صمود المعاهدة في منطقة مزقتها الصراعات بين أبناء الوطن الواحد، بل وأبناء الدين الواحد.

يستكشف رايت السمات الشخصية للأطراف المشاركة، معتمدًا على كتاب الإحاطة الذي قدمته الاستخبارات الأمريكية للرئيس كارتر، فكان السادات "متبصرًا"، حيث رأى نفسه "مفكرًا إستراتيجيًا كبيرًا يحترق كمذنب عبر سماوات التاريخ"، كما فتن السادات بالأفكار والإشارات الكبيرة، فلم يكن "مباليًا بالتفاصيل التافهة". بينما ركز بيجن اهتمامه على أصغر العلامات المميزة، وهو المحامي الماهر. أحب السادات الملابس الملونة، بينما امتلك بيجن بدلتين فضفاضتين رثتين عندما سافر إلى واشنطن لأول مرة. ولما كان السادات مدفوعًا بحلم إعادة كتابة الماضي، كان بيجن غارقًا في الماضي، حيث مال للتأكيد على "المعضلة المأساوية للتاريخ اليهودي"، التي أثقلته بشدة.
لم يتسنى للديموقراطي كارتر مقابلة عربي من قبل، سوى عند جلوسه إلى جانب أحدهم في مراهنة سباق سيارات بدايتونا، كما أنه عرف يهوديًا واحدًا في طفولته، هو عمه لويس. استمد كارتر تصوره للشرق الأوسط من دراسة الكتاب المقدس، لدرجة أن "جغرافيا فلسطين القديمة كانت مألوفة لديه ... أكثر من معظم الولايات المتحدة". عندما وصل كارتر إلى البيت الأبيض عام 1977، أعطى الأولوية إلى السلام في الشرق الأوسط، واعتقد أن "الرب أراد له أن يجلب السلام"، إلا أن ذلك أدى، على الجانب الآخر، إلى هبوط اقتصاد الولايات المتحدة، لتهبط معه أصوات المؤيدين.
شمل الوفد الإسرائيلي من يعتبرونه بطلًا في الكيان المحتل موشيه ديان، ونجم سلاح الطيران الإسرائيلي عيزر فيتسمان، وهما اثنان من قدامى المحاربين المتصلبين، إلا أنهما كانا أكثر انفتاحًا تجاه المعاهدة من رئيس وزرائهما. بينما أرسل المصريون وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل، والأرستقراطي القبطي بطرس بطرس غالي، الذين قضيا وقتًا في تكهن الحالة المزاجية لرئيسهما، مماثلا للوقت الذي قضياه في تأمل الموقف الإسرائيلي.
استمد السادات قوته أيضًا من حسن التهامي، وكيل المخابرات الأسبق، الذي كان له دور "المنجم، مهرج القصر والمعلم الروحي" للسادات، حيث تفاخر التهامي بقدرته على مغادرة جسده والسفر خارج العالم المادي. جدير بالذكر أن التهامي قد قضى الكثير من وقته في كامب ديفيد محاولا إقناع بطرس بطرس غالي بالإسلام.
إلا أن التهامي لعب دورًا هامًا في تدشين المفاوضات، وإن كان ذلك بناء على تقارير استخبارتية خاطئة، فبعد لقاء سري جمع بينه وبين بيجن في المغرب عام 1977، بترتيب من الملك حسين الثاني، قال التهامي للسادات إن بيجن قد خطط للانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل بعد عام 1967 – وهو تقرير خاطئ شجع السادات على السفر إلى القدس. أي أنه من الوارد أن تكون عملية السلام في الشرق الأوسط خاضعة لسوء فهم رجل مجنون، حسبما يعلق رايت.
استهل السادات المفاوضات في غابات كامب ديفيد بموقف متشدد، حتى يسكت أعضاء فريقه في البداية، ثم ينتقل إلى مواقف أكثر اعتدالًا، لدرجة أنه قال لكارتر في اليوم الأول إنه مادامت إسرائيل ستنسحب من سيناء، يستطيع كارتر أن يتفاوض عنه على بقية الشروط. وفي المقابل، قدم بيجن مشروعا متشددًا للغاية منذ البداية وظل متمسكًا به، حتى فيما يتعلق بالانسحاب من سيناء.
مما يصعب إخفاؤه أن السادات كان الطرف الأضعف في المفاوضات، فلاحقًا وبعد أشهر من توقيع المعاهدة وأمام المماطلة في تنفيذ البنود كان الحل أمام كارتر متمثلًا دائما في الضغط على السادات لتقديم تنازلات، وهو ما نجح فيه بالفعل.
تبنى كارتر دورين في كامب ديفيد، فبعد أن كان "مستشارًا"، وأمام تعنت الطرفين وعنادهما، تبنى كارتر دور "المحفز"، ناويًا إصدار اقتراحات، أو تهديدات بالنيابة عن الولايات المتحدة، إن كان ذلك ضروريًا.
في مواجهة تعنت بيجن، قرر السادات في يوم الجمعة 19 سبتمبر الانسحاب من القمة، كوسيلة كان قد خطط لها مسبقًا للضغط على كارتر للقبول بشروطه، فكان رد كارتر على السادات أن انسحابه سيعني انتهاء العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر، وكذلك انتهاء علاقتهما الشخصية، فآثر السادات البقاء، ببساطة. ليقضي الاثنان تلك الليلة في مشاهدة مباراة محمد علي كلاي سويًا.
كما يرصد بطرس بطرس غالي، الذي دعم موقف الرئيس السادات حتى النهاية، في مذكراته ما وصفه بـ"ظاهرة "علشان خاطر كارتر""، حيث كان رد السادات كلما تعارض أحد الشروط مع رأي بعض أعضاء الوفد المصري، "علشان خاطر كارتر".
يجدر ذكر أحد المواقف التي أظهرت طبيعة الشخصية التي حملها السادات خلال المفاوضات، فأثناء مؤتمر توقيع معاهدة كامب ديفيد، قال بيجن معلقًا على التوقيع ومراحل التفاوض: "لقد بذلنا في سبيل توقيع الاتفاقية جهودًا أكبر من التي بذلها أجدادنا في بناء الأهرامات في مصر". فضحك الجميع، وقهقه السادات محييًا بيجن.


مصادر:
Foreign Affairs: Don’t be a hero - Jordan Chandler Hirsch
وثائقي: السلام المر - الجزيرة
Subscribe to: Comments ( Atom )
محمود علي - مترجم وكاتب صحفي مصري

Follow @Moud_aly

موضوعات

تاريخ (8) سياسة (8) أدب (3) فلسفة (3) علم اجتماع (2) موسيقى (2) سفر (1) سينما (1) علم نفس (1) قصة (1)

الأكثر قراءة

  • عندما حاول جون لينون وزوجته سرقة كنوز مصر القديمة
    كنت أبحث في أمر غير ذي صلة (السياسات المصرية في سبعينات القرن الماضي)، حين تعثرت بهذه الصورة التي تجمع جون لينون، نجم فريق البيتلز الغن...
  • إبراهيم معلوف: عازف على أرباع النغمات
    26 مايو 2015 | موقع "نيويورك تايمز" أدى إبراهيم معلوف عزفًا منفردًا على آلة البوق ليلة الاثنين في "ديزيس كلو...
  • مترجم - الجاسوس الذي خدع نظام الأسد
    فيما يبدو كخيانة ناجحة للغاية، أمد ضابط كبير بجيش الأسد المتمردين المدعومين من الغرب بمعلومات استخباراتية هامة أدت إلى إيقاع خسائر فادح...
  • بورنوجرافيا: "دينا ماعندهاش بولة!"
    إن كنت(ي) تحب(ين) الاستماع إلى الموسيقى أثناء القراءة، كحالي، فأرشح لك المقطع الموسيقي الآتي: https://soundcloud.com/drixxxe- 2 /sext...
  • عقيدة أوباما: السياسة الخارجية والشرق الأوسط والربيع العربي
    ليون بانيتا (إلى اليسار) يحضر مؤتمرًا صحفيًا بشأن الاستراتيجية العسكرية في يناير 2012. انتقد بانيتا، الذي كان حينها وزير دفاع أوباما، ...
  • مترجم | فريدريك نيتشه ومعضلة احتضان الشدائد أم الهروب منها
    قصة فلسفية مؤثرة عن قيمة الفشل، قبل قرنٍ ونصف من تقديسنا الأعمى الحديث له ماريا بوبوفا - المادة الأصلية يعد الكاتب، الملح...
  • مترجَم | الرجل الذي زار جميع دول العالم
    المادة الأصلية تعليق المترجم: هذا النص لألبيرت بوديل، وهو الرجل الذي زار، حرفيًا، جميع دول العالم، ويحكي هنا عن "أصعب" تسع دو...
  • مترجم | لماذا يدعم «داعش» دونالد ترامب؟
    مات أولسن – الرئيس السابق للمركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب 7 ديسمبر 2016 | تايم المادة الأصلية يعتلي دونالد ترامب وهي...
  • تأهل تشيلي إلى كأس العالم 1974: "كان أسخف شيء في التاريخ"
    إنه العام 1973، يشارك منتخب تشيلي في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الذي سيجرى العام المقبل في ألمانيا الغربية. إلا أن تفاصيل تأهل منتخب ...
  • من كواليس كامب ديفيد: "علشان خاطر كارتر"
    لا أود الخوض في وصف أحداث سياسية أو تاريخية، أو سرد تفاصيل ومراحل ما دار خلال 13 يوما قضاها الوفدان المصري والإسرائيلي في غابات كا...
Powered by Blogger.

أرشيف المدونة

  • ►  2016 (10)
    • ►  Nov (4)
    • ►  Oct (1)
    • ►  Sept (5)
  • ▼  2015 (6)
    • ▼  Sept (2)
      • بورنوجرافيا: "دينا ماعندهاش بولة!"
      • مترجم - الجاسوس الذي خدع نظام الأسد
    • ►  Jun (3)
      • عندما حاول جون لينون وزوجته سرقة كنوز مصر القديمة
      • تأهل تشيلي إلى كأس العالم 1974: "كان أسخف شيء في ا...
      • من كواليس كامب ديفيد: "علشان خاطر كارتر"
    • ►  May (1)
Copyright 2014 Mahmoud Aly's.
Designed by OddThemes